قبل أن تسعى للنجاح عليك أن تتخيل هذا النجاح وتخطط له ولتفعل ذلك علك التخلص من هذه المفاهيم الخاطئة عن النجاح وهي:

١- النجاح له شكل محدد
أحيانًا نقيس نجاحنا بنجاح شخص آخر، وهذا مرده في كصير من الأحيان اننا نتخذ مثلا أعلى في مجالنا او في الحياة عموما ونقتفي أثرهم، وهذا محمود من حيث المبدأ. الإشكال هو ان نتخيل نجاحنا بنجاحهم، واسمحوا لي أن أضرب مثالا شخصيا.
أحد الذين أعتز بزمالتهم ونصيحتهم وجعله الله سببا في الكثير من الأحداث المهمة في حياتي هو الآن مدير (منسق) لأحد أهم برامج الماجستير في مجال الصحة العامة، وفي وقت من الأوقات شعرت بأن نجاحي يقتضي ان اؤسس برنامج ماجستير مثله، لكن عندما راجعت نفسي وجدت ان هذا خطأ. هناك اختلاف في مسمانا الوظيفي ومجالنا الأكاديمي واختلاف في مؤسساتنا التي نعمل بها. لقد أخذ الأمر منه سنوات من الإعداد وكانت هذه هي الوظيفة التي تم تعيينه عليها بينما وظيفتي أساسا تدريس طلاب في مستوى مختلف.
هنا وصلت لقناعة أنه علي ان أجد لنفسي معايير نجاح تخصني وتناسب وصفي للوظيفي والجامعة التي أعمل بها والتي لا تريد الآن على الأقل مثل هذا البرنامج.
اجعل نجاحك يخصك انت ويشبههك أنت. هناك فرصة للنجاح في كل مكان وفي كل وظيفة او عمل، ليس المهم شكله او قدره وإنما المهم انه يحركنا للأمام ويجعل المكان والناس من حولنا أفضل.
٢– النجاح يجب أن يكون كبيرا
لدينا تصور خاطئ هو ان النجاح يجب ان يكون كبيرا لامعا بارزا يتحدث عنه القاصي والداني، ولكن دعوني أسألكم سؤالين ستوصل إجابتكم عنهما الرسالة.
السؤال الأول: اذكر لي ٣ ممن حازوا جائزة نوبل في الطب او الكيمياء قبل ١٠ سنوات (دون الاستعانة بالعم Google)؟
السؤال الثاني: اذكر ٣ معلمين في المدرسة او الجامعة اثروا في حياتك؟
اعتقد ان الإجابة عن السؤال الثاني اسهل جدا، بالرغم من ان هؤلاء لم يحوزوا جائزة نوبل ولا أي جائزة في حياتهم لكن (نجحوا) في تغيير حياة العشرات وربما المئات من طلابهم.
لتنجح لا تحتاج ان تكتشف كوكبا او تحدث اختراقا في علم الفيزياء، كل تغيير إيجابي في حياة إنسان نجاح يستحق ان تحتفي به.
٣- النجاح هو أن…
هناك العديد من التصورات والصور النمطية عن النجاح، ولعل هذا المجلس الذي جمعني بأحد الآباء يختزل أهمها فقد كان جل حديثه عن (ابنه الدكتور) الذي حضر ماجستير في كندا ودكتوراة في بريطانيا ويعمل حاليا في أحد أبرز الجامعات في أوروبا.
وفي سياق الحديث ومن معرفتي بالأسرة علمت ان له ولدا حرفيا كما يصفه أهل الحي (يده تلف في حرير) فهو موهوب ومتقن لكنه قليل المال لأنه يفضل ان يعمل قليلا باتقان عن إكثار بشغل (أي كلام). كما للرجل ولد آخر يعمل معلما للغة العربية في مدرسة في الجوار، ولا حاجة لي في الإطناب عن اللغة وأهميتها لتعلم القرآن والدين، فهذا العمل بنية صحيحة منجم حسنات لا ينضب.
إذن كلاهما ناجح ومهم جدا في مجاله لكن تصور الأب وكثير من الناس، حتى الأجيال الأصغر سنا، عن النجاح مربوطة بتخصصات معينة كالتخصصات الصحية أو الهندسية والنجاح الأكاديمي وهذا مفهوم خاطئ وهناك العديد من الامثلة على رواد في مجالاتهم لهم ملايين المريدين والمعجبين تخرجوا في كليات ليست من (كليات القمة) كما يسمونها.
تخلص من هذا المفهوم الخاطئ وانجح وتميز في أي عمل سخرك الله تعالى لك
٤- النجاح خطي من 1 إلى 100
هذا الرجل بدأ من الصفر حتى اصبح مليونيرا او مليارديرا او عالما أو ممثلا يحصد الجوائز. هذه العبارة وما شابهها نتصورها كما لو أنه انطلق من الصفر ثم ظل يجح وينجحوغي كل مرحلة حتى وصل الى ١٠٠% (إن كان هناك شيء اسمه نجاح كامل) وهذا غير صحيح ولا يحدث في الواقع.
الحقيقة ان الجميع ممن يضرب بهم المثل في النجاح والتفوق مروا بأوقات عصيبة وأوقات فشل ولكن الفرق هو أنهم لم يتركوا حلمهم ولم يتخلوا عن هدفهم. لم يجعلوا الأوقات الصعبة والخفيضة تسلمهم لليأس، بل تعلموا وثابروا وصبروا حتى وصلوا لمرادهم.
٥- النجاح محطة
أحيانآ نتصور ان النجاح وصول لنقطة معينة مثل ان اتزوج ممن أحب، او اعمل في هذه الوظيفة النرنوقة، او احقق هذا الراتب المجزي.
الحقيقة ان النجاح رحلة لا تنتهي ولا يجب ان تتوقف عند مسمى او رقم. عليك أن تسعى لتكون النسخة الأفضل من نفسك حتى لو اقتضى الأمر أحيانا ترك الوظيفة المرموقة از الاجر الأعلى.
هناك دائما فرصة جديدة لنجاح جديد مع كل تحدي جديد، هكذا نتطور كبشر، والخلاصة الايمانية انه لا راحة للمؤمن إلا بلقاء الله وهو عنه راض.